responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 231
[سورة يونس (10) : الآيات 28 الى 30]
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ (28) فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ (29) هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ (30)
يَقُولُ تَعَالَى: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ أَيْ أَهْلَ الْأَرْضِ كلهم من جن وإنس وبر وفاجر كقوله:
وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً [الْكَهْفِ: 47] ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا الآية أَيْ الْزَمُوا أَنْتُمْ وَهَمَ مَكَانًا مُعَيَّنًا امْتَازُوا فيه عن مقام المؤمنين كقوله تعالى: وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ [يس: 59] وقوله: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ [الرُّومِ: 14] وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ [الرُّومِ: 43] أَيْ يَصِيرُونَ صدعين وهذا يكون إِذَا جَاءَ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَلِهَذَا قِيلَ ذَلِكَ [1] يَسْتَشْفِعُ الْمُؤْمِنُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَأْتِيَ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَيُرِيحَنَا مِنْ مَقَامِنَا هَذَا، وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «نَحْنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى كَوْمٍ فَوْقَ النَّاسِ» [2] .
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ إِخْبَارًا عَمَّا يَأْمُرُ بِهِ الْمُشْرِكِينَ وَأَوْثَانَهُمْ يَوْمَ القيامة مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ الآية أنهم أنكروا عبادتهم وتبرؤوا منهم كقوله: كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ [مريم: 82] الآية وقوله: إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وقوله:
وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً [الأحقاف: 5- 6] الآية وقوله فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِخْبَارًا عَنْ قَوْلِ الشُّرَكَاءِ فِيمَا رَاجَعُوا فِيهِ عَابِدِيهِمْ عِنْدَ ادِّعَائِهِمْ عِبَادَتَهُمْ: فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ الآية أَيْ مَا كُنَّا نَشْعُرُ بِهَا وَلَا نَعْلَمُ بها، وإنما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَنَا مِنْ حَيْثُ لَا نَدْرِي بِكُمْ وَاللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنَّا مَا دَعَوْنَاكُمْ إِلَى عِبَادَتِنَا وَلَا أَمَرْنَاكُمْ بِهَا وَلَا رَضِينَا مِنْكُمْ بِذَلِكَ.
وَفِي هَذَا تَبْكِيتٌ عَظِيمٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَبَدُوا مَعَ اللَّهِ غَيْرَهُ مِمَّنْ لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبَصِّرُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ شَيْئًا، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِذَلِكَ وَلَا رَضِيَ بِهِ وَلَا أراده بل تبرأ منهم وَقْتٍ أَحْوَجَ مَا يَكُونُونَ إِلَيْهِ وَقَدْ تَرَكُوا عِبَادَةَ الْحَيِّ الْقَيُّومِ السَّمِيعِ الْبَصِيرِ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ الْعَلِيمِ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَقَدْ أَرْسَلَ رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ آمِرًا بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ نَاهِيًا عَنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ [النَّحْلِ: 36] وَقَالَ تَعَالَى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الْأَنْبِيَاءِ: 25] وقال: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف: 45] .

[1] بعده بياض بالأصل.
[2] أخرجه أحمد في المسند 3/ 345.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست